بقلم الشيخ بشير طبابي
الحمــد للّـه ربّ الأرض والسّمـــاء ، خلــق آدم وعلّمــه الأسمــاء وأسجــد لـه مـلائكتـه ، وأسكنــه الجنّــة دار البقـــــاء ، وحـــــذّره مـن الشيطــــان ألــدّ الأعــــــداء ، ثــمّ أنفـــــذ فيـــه مـا سبــــــق بـــه القضــاء ، فأهبطـــــه إلـــى دار الإبتــــــلاء ، وجعـل الـدنيـا لـذرّيتــــه دار عمــل لا دار جــزاء ، و أشهــد أن لا إلــه إلاّ اللّـه وحــده ليــس لــه أنــداد ولا أشبــاه ولا شــركــاء ، خلــق السّمـاوات والأرض فـي ستّــة أيّــام و كـان عــرشــه علـى المــاء ، خلــق الخلــق فمنهــم السّعــداء ومنهـم الأشقيّـاء ، وأشهــد أنّ سيّـدنـا محمّــد خــاتــم الـرّســل والأنبيّـــاء وإمــام المجـاهـديــن والأتقيّــــاء ، والشّهيـــد يــوم القيّــامــة علــى الشّهـــداء المعصــوم صلّـى اللّـه عليــه وسلّــم ، دعـــا أصحــابــه إلـى الهــدى فلبّـــوا النّـــداء . فكــان رحمــة لهــم ونــور ، وكــان إشــراق لهــم وضيـــاء ، اللّهـــمّ صلّ وسلّـــم وبــارك عليــه وعلــى آلـــه وصحـــابتـــه الأجــــلاّء ، وعلـى السّـائــريــن علـى دربـــه والـدّاعيــن بــدعــوتــه إلـى يــوم اللّقــــاء ، مـا تعـاقــب الصّبــح والمســـاء ومـا دام فــي الكــون ظلمــــة وضيــــاء.
يقــول اللّــه تبـارك وتعـالــى بعــد أعـوذ باللّـه مـن الشيطـان الـرّجيـم بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيــم « وقلنـا يــا آدم اسكــن أنــت وزوجــك الجنّـــة . وكــلا منهـــا رغـــدا حيـــث شئتمـــا ولا تقــربـا هـــذه الشّجــرة فتكـــونــا مــن الظّـالميــن (35) فـأزلّهــمـا الشيطــان عنهــا وقلنـا أهبطــوا بعضكـــم لبعــض عــدو ولكــم فــي الأرض مستقـــرّ ومتــاع إلـى حيــن(36) » صـدق اللّـه العظيـم .
أيّهــا الإخــوة الكـرام تحـدّثنـا فـي المقال السّـابق أنّ اللّـه تعـالـى خــصّ آدم عليــه السّــلام بالخــلافـة كمـا خصّـه بعلــم غــزيــر ، وقفــت المـلائكــة عـاجـزة عنــه. ثــمّ كــرمــه تعـالـى بأمــر المـلائكــة بالسّجـود لآدم وكـان ذلــك مـن أظهــر وجــوه التشـريــف والتكـريــم للنــوعـي الإنســـانــيـــة ممثّــلا فــي أصلـي البشــريّــة آدم عليـــه السّــلام وتحــدّثنـا عـن امتنــاع إبليـــس بالسّجــود لآدم عليــه السّــلام فصــار بــذلــك مـن الكـافـريــن. وفـي هــذه الآيــات يقــول اللّــه تبـارك وتعـالـى « وقلنـا يــا آدم اسكــن أنــت وزوجــك الجنّـــة » أي أسكــن فـي جنّــة الخلــد يـا آدم مــع زوجــك حـــوّاء.
« وكــلا منهـــا رغـــدا » أي كـــلا مـن ثمـار الجنّــة أكــلا رغــدا واسعــا.
« حيـــث شئتمـــا » أي مــن أيّ مكــان فــي الجنّــة أردتّــم الأكـــل فيـــه ولكــن.
« ولا تقــربـا هـــذه الشّجــرة » أي لا تــأكــلا مـن هــذه الشّجــرة. مـا هــي هــذه الشّجــرة قـال ابــن عبـــاس رضــي اللّـه عنــه هــذه الشّجــرة هــي الكــرمـــة.
« فتكـــونــا مــن الظّـالميــن » أي فتصيــر مــن الّـذيــن ظلمــوا أنفسهـــم بمعصيّـــة اللّــه. « فـأزلّهــمـا الشيطــان عنهــا » أي أوقعهمــا فــي الـزلّــة بسبــب هــذه الشّجـــرة وأغــواهمــا بالأكــل منهــا هــذا إذا كــان الضّميــر عـائــدا إلــى الشّجــرة أمّـا إذا كـان عـائــدا إلــى الجنّــة فيكــون المعنــى أبعــدهمــا وحــوّلهمــا مـن الجنّــة.
« فـأخــرجهمـا ممّــا كـانـا فيــه » مـن نعيــم الجنّــة.
« وقلنـا أهبطــوا » أي اهبطــوا مـن الجنّــة إلـى الأرض والخطــاب لآدم وحــوّاء وإبليـــس.
« بعضكـــم لبعــض عــدوّ » أي الشيطــان عــدوّي لكــم فكــونــوا أعــداء لــه كقــولــه « إنّ الشيطـان لكــم عـــدـوّا فاتّخــذه عــدّوا » .
ثــمّ يقــول « ولكــم فــي الأرض مستقـــرّ ومتــاع إلـى حيــن » أي لكــم فــي الـدنيــا مــوضــع إستقــرار بالإقــامــة فيهــا.
« ومتـــاع » أي تمتّــع بنعيمهــا إلـى وقــت انقضــاء آجــالكــم . واللّـه ورســولــه أعلــم والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه وبـركـاتـه.
كلمات البحث :الشيخ بشير طبابي;من انوار التنزيل
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.