من أنوار التنزيل (5) : سورة البقرة

بقلم الشيخ بشير طبابي

 

 

بســـم اللّــه الـرّحمـان الـرّحيـم . إنّ الحمـد للّـه نحمــد وستعينـــه ونستغفـره . ونعـوذ باللّـه مـن شـرور أنفسنـا وسيّئـات أعمـالنـا . مـن يّهــــده اللّـه فـلا مضـلّ لـه .ومـنيضــلل فـلا هـادي لـه . وأشهـد أن لا إلــه إلاّ اللّـه وحـده لا شـريـك لـه .وأشهـد أنّ محمّـدا رسـول اللّـه . وأمينـه علـى وحييــه وخيــرتــه مـن خلقــه المبعـوث بالـدّيـن القـويـم أرسلـه اللّـه رحمــة للعـالميـن . وإمـامـا للمتّقيــن . وحجّــة علـى الخـلائـق أجمعيـن.

إخـــوة الإيمـان . في هذا المقال « مـن أنــوار التنـزيــل » سأتحدث عـن أنــوار التنــزيـل فـي سـورة البقـرة . سـورة البقـــرة أطـول سـور القـرآن علـى الإطـلاق وهـي مـن السـور المـدنيّـة الّتـي تعنـى بجـانـب التشـريـع . شأنهـا كشـأن السّـور المـدنيّـة الّتـي تعـالـج النّظـم والقـوانيـن التشـريعيّـة الّتـي يحتـاج إليهـا المسلمـون فـي حيـاتهــم الاجتمـاعيّـة.
هـذه السـورة الكـريمـة اشتملــت علـى معظـم الأحكـام التشـريعيّـة فـي العقـائـد والمعـــلاـت والعبـادات والأخــلاق وفـي أمـور الـزّواج والطّـلاق والعـدّة وغيـرهـا مـن الأحكـام الشـرعيّـة . وقــد تنـاولـت الآيـات فـي بــــدئ الحـديـث عـن صفـة المـؤمنيـن والكـافـريـن والمنـافقيـن . فـوضّحـت حقيقــــة الإيمـان وحقيقــة الكفـر والنّفــــاق للمقـارنـة بيـن أهـل السّعـادة وأهــل الشّقــاء .
ثــمّ تحـدّثـت عـن بــدئ الخليقـة فــذكـرت قصّـة أبـي البشـر آدم عليـه السّــلام .ومـا جـرى عنـد تكـوينـه مـن الأحـداث والمفـاجـئـات العجيبـة الّتـي تـدلّ علـى تكـريـم اللّـه جـلّ وعلـى للنّـوع البشـري. ثـمّ تنـاولـت السّـورة الكـريمـة بالحـديـث عـن أهـل الكتـاب وبـوجـه خـاصّ بنـوا إسـرائيـل اليهـود لأنّهـم كـانـوا مجـاوريـن للمسلميــن فـي المـدينـة المنـوّرة فنبّهــت المــؤمنيـن إلـى خبثهـم ومكـريهـم ومـا تنطـوي عليـه نفـوسهـم الشـرّيـرة مـن اللـــؤم والغـدر والخيّـانـة ونقـض العهـود والمـواثيـق إلـى غيـر مـا هنـالـك مـن القبائــح والجـرائـم الّتـي ارتكبهـا هـؤلاء المفسـدون ممّـا يـوضّـع عظيـم خطـرهـم وكبيــر ضـررهــم وقــد تنـاول الحـديـث عنهـم مـا يـزيـد عـن الثّلـث مـن السّـورة الكـريمــة بــدء مـن قـولـه تعـالـى « يـا بنـي إسـرائيـل اذكـروا نعمتـي الّتـي أنعمـت عليكـم وأوفـوا بعهـدي أوفي بعهـدكـم » إلـى قــولـه تعـالـى « وإذا ابتلـى إبـراهيـم ربّـه قــراءة سعـد الغـامـدي » .
وأمّـا بقيّـــة السـورة الكـريمـة فقــد تنـاولـت جـانـب التشـريـع لأنّ المسلميـن كـانـوا وقـــت نـزول هـــذه السّـورة فـي بــدايــة تكـويـن الـدّولـــة الإسـلاميّـة وهــم فـي أمــسّ الحـاجـة إلـى منهــج الـربــّـانــيّ والتّشــريـع السّمـاويّ . الّـذي يســرون عليـه فـي حيـاتهــم ســواء فـي العبـادات أو المعـامـلات ولــذا فــإنّ السّـورة تتنـاول الجـانـب التشــريـعي وهــو باختصــار كمــا يلـي . أحكـام الصـوم مفصّلـة بعـد التفصيــل . أحكـام الحــجّ والعمـرة . وأحكـام الجهـاد فـي سبيــل اللّـه . شــؤون الأسـرة ومـا يتعلّـــق بهـا مـن الـزّواج والطّــلاق والـرّضـاع والعــــدّة وتحـريـم نكـاح المشـركـات والتحـذيـر مـن معـاشـرة النّسـاء فـي حـالـة الحيـض إلـى غيـر مـا هنـالـك مـن أحكـــام تتعلّـق بالأســرة لأنّهـا النّــــواة الأولـى للمجتمــع الأكبـر . ثــمّ تحـدّثـت السّـــورة الكـريمـة عـن جـريمـة الـرّبـى الّتـي تهــدّد كيـان المجتمــع وتقـوّض بنيـانـه ، واللّـه ورسـولـه أعلـم .
أســأل اللّــــه العلـــيّ العظيـم أن يجعــل القـرآن العظيـــــم ربيــع قلــوبنـا . وجــــلاء أحــــزاننــــا وذهــاب غمــــومنــا . نسألــه تخـلّقــــه وحفظـــه والعمــل بــه والجهــاد تحــت لــوائــه . وإلـى أن نلتقـي بكـم فـي حصّــة جـديــدة مـن هــذا البـرنـامـج أنستــودعكــم اللّــه الّـذي لا تضيــع ودائعــه والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه وبـركـاتـه.

كلمات البحث :بشير الطبابي;سورة البقرة;من انوار التنزيل

نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.