بقلم : حكيم بن صالح
أعلن أمس الخميس، « نضال الورفلي » الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بتنسيق ومتابعة الشؤون الاقتصادية والناطق الرسمي باسم الحكومة، أن العجز الشهري لميزانية الدولة بلغ قرابة مليون دينار، وهو ما يعبر عن تردي الوضع الإقتصادي الذي تعيشه البلاد.
تصريح « الورفلي » جاء في إطار سياسة مصارحة الشعب الذي أعلن عنها رئيس الحكومة « مهدي جمعة » في وقت سابق، حيث أكد ان حكومته ستكشف مختلف الحقائق وستصارح الشعب بحقيقة الاوضاع في البلاد.
من المعلوم ان اول خطوة لإيجاد الحل هو تحديد الإشكال، وحكومة « جمعة » قامت بالخطوة الاولى وكشفت حقيقة الوضع الإقتصادي، لكن من المسؤول على تأزم الوضع الإقتصادي الذي تعيشه البلاد وما هي الخطوات القادمة التي يجب ان تتخذها؟
مسؤولية الترويكا
« السياسات الفاشلة التي اتبعتها حكومات ما بعد الثورة هي سبب الوضع الاقتصادي الحالي » هكذا صرح الخبير الاقتصادي « معز الجودي » ردا على « Tunisien.tn » حيث اكد ان الأرقام التي قامت حكومة « جمعة » بكشفها، ليست بجديدة وقد وقع تقديمها من قبل خبراء الاقتصاد خلال الثلاث سنوات الفارطة إلا أن جميع المسؤولين الحكوميين آنذاك كذبوا هذه الأرقام واعتبروها حملة ضد عمل الحكومة.
وبيّن « الجودي » أن حكومة الترويكا الأولى والثانية تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية في تدهور الوضع الإقتصادي من خلال اتباعها لسياسة تنموية خاطئة ساهمت في رفع النفقات العمومية بنسبة هامة مما جعلها تنتهج سياسة الإقتراض لتغطية مصاريفها، مؤكدا على ضرورة الخفض في المصاريف العمومية خاصة ميزانية رئاسة الجمهورية وميزانية الوزارات عبر التقليص في عدد السيارات الادارية والضغط على مصاريف الوزارات لتقليص النفقات العمومية.
ودعا الخبير الإقتصادي حكومة « مهدي جمعة » لإتخاذ قرارات جريئة تتمثل في مراجعة صناديق الدعم ليصل الدعم لمستحقيه وفرض اجراءات صارمة لاستخلاص الضرائب، مشيرا إلى ضرورة تحمل الحكومة وجميع الأطراف السياسية والاجتماعية مسؤولياتها وتقديم تضحيات حتى تستطيع البلاد الخروج من المرحلة الاقتصادية الصعبة.
فشل السياسة التنموية
وفي نفس السياق بين المستشار الدولي في الإقتصاد « اسكندر الرقيق » أن الحكومات التي عقبت الثورة، اتبعت سياسات تنموية فاشلة عبر سعيها للإقتراض من اجل تغطية مصاريفها عوض بعث مشاريع تنموية تكون لها فاعلية إقتصادية، مما ادى إلى تأزم الوضع الإقتصادي.
وأضاف « الرقيق » أن الفساد الذي تعيشه المؤسسات العمومية من نهب وسرقات ساهم في تأزيم الوضع، إلى جانب القرارات الاعتباطية التي اتخذتها حكومة الترويكا على غرار صرف التعويضات للمتمتعين بالعفو التشريعي العام والتي كلفت ميزانية الدولة ملايين الدينارات.
واعتبر الخبير الدولي ان الحل للخروج من الوضع الراهن هو اتخاذ قرارات مصيرية على غرار مراجعة ميزانيات صناديق الدعم وتحملها مسؤوليتها، داعيا المواطن إلى التمتع بالوطنية وتقديم مزيد من التضحيات من اجل مصلحة البلاد.
الحل مسؤولية الجميع
ومن جانبه بين الخبير في المخاطر المالية « مراد حطاب » أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد تقف وراءه عديد الأسباب من بنينها الوضع الإقتصادي العالمي الذي يمر بمرحلة ركود، وتفشي التهريب والتجارة الموازية عقب 14 جانفي، وتراجع الإنتاج خاصة على مستوى الحوض المنجمي والصناعات المعملية إلى جانب تراجع القطاع السياحي في الثلاث سنوات الأخيرة، مما جعل هامش التحرك بالنسبة لجميع الحكومات ضيقا للخروج من الازمة. وأكد « حطاب » على ضرورة تحمل الحكومة الحالية مسؤوليتها وتتبع حلولا جذرية وعلى رأسها التصدي بقوة لمن يقف وراء تعطيل انتاج الفسفاط لتوفير مداخيل إضافية لتغطية جانب من العجز، ومراجعة صندوق الدعم حتى يصل لمن يستحقه، ومقاومة الفساد في المؤسسات العمومية التي تعيش صعوبات بسبب السرقات وسوء التصرف المالي والاداري، مشيرا إلى ضرورة مراجعة القوانين الجبائية حتى يقع توفير أكبر قدر من العدالة في هذا الملف، مع ضرورة اتخاذ قرارات جذرية لعلاج الأزمة الإقتصادية التي تعيشها البلاد، مشددا على ضرورة ان يقوم المواطن بدوره في دفع عجلة الانتاج ولا يكتفي فقط بالمطالبة بحقوقه.
هذا ويتواصل تأزم الوضع الإقتصادي للبلاد والمؤشرات التي تذل على ذلك، حيث أكد محافظ البنك المركزي « الشاذلي العياري » في تصريحات إعلامية، أن عجز الميزان التجاري للبلاد وصل مرحلة خطيرة، في الوقت الذي عجز فيه رئيس الحكومة « مهدي جمعة » عن جلب الدعم المالي الكافي خلال جولته الخليجية وزيارته للولايات المتحدة التي لم تحصل منها تونس إلا على ضمانات قروض لا تكفي لتغطية عجز الميزانية في صورة الحصول عليها.
فإلى متى سيستمر هذا الوضع الإقتصادي الخانق الذي آثر بشكل كبير على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي الذي قام بثورة لم تحقق بعد اهدافها.
كلمات البحث :مهدي جمعة;وضع إقتصادي
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.