بقلم : مراد الحطاب
مختص في إدارة المخاطر المالية
أخيرا ، استعاد القطاع السياحي التونسي أنفاسه بعد ثلاث سنوات عجاف كادت أن تؤثر في ديمومته وقدرته واقعيا على الصمود، في ظل صدمات وهزات خارجية وداخلية متعددة .
ولعل المعطيات الأخيرة الصادرة عن إدارة الدراسات بالديوان الوطني للسياحة التونسية التى تؤكد على تحسن عدد الوافدين والازدياد النسبي للمداخيل، لخير دليل على امكانية عودة هذا القطاع المحوري لسالف بريقه وهو ما يدعو إلى بداية طرح الملفات الكبرى للصعوبات الهيكلية التى يعاني منها منذ عقدين على الأقل .
تشير الاحصاءات الرسمية مبدئيا إلى أن عدد الوافدين الأوروبيين قد شهد استقرارا نسبيا ، خلال الثلاثي الاول من السنة الحالية رغم تباطؤه في ما يتعلق ببعض الأسواق الكبرى على غرار الأسواق الثلاث الهامة الباعثة للسوّاح من فرنسا وألمانيا وبريطانيا وقد ساهمت السوق الروسية التى تسعى عديد وحدات الاستقطاب الى اكتساحها في تحسين نسبة الإقبال العامة بعد تحقيق زيادة ، على هذا الصعيد ، ناهزت 55,6 % مقارنة بالمعدل المسجل منذ سنة 2010 وهو ما يجعل منها نسبة قياسية باتم معنى الكلمة .
وقد اثر هذا المؤشر على مستوى تألق الإيرادات ، خلال الفترة قيد الدرس ، بحكم الرجوع غلى تحقيق المداخيل إلى سالف عهدها بزيادة تراوح 3% وذلك مقارنة بالمعدل العادي في نفس من الثلاثي الاول من سنة 2010.
أبعاد الانتعاشة
من المؤكد ان عودة الروح لقطاع لا يعرف عدد كبير من التونسيين أنه يدير نسبة 15% من رقم معاملات القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية التحويلية بواقع 1780 مليون دينار سنويا بالاعتماد على احصاءات السنوات العشر الأخيرة كما أن الارتباط بينه وبين قطاع النقل جد وثيق نظرا للحد الاحصائي بينها والموافق لما نسبته 21,2% ، تساهم بصفة هامة في تحقيق تأثير طردي لدفع الاستهلاك ومن ثم الطلب عموما والإنتاج والاستثمار والتشغيل بطبيعة الحال .
كما يجدر التذكير ، في هذا المجال ، أن السياحة داعمة لاستقطاب الزوار من شتى الأطياف سواءا كانوا مستثمرين أو طالبي خدمات علاجية او متسوقين وكذلك اشخاص باحثون عن مكان يطيب فيه العيش لقضاء مرحلة تقاعدهم والذين يقدر عددهم اليوم ببلادنا بما يناهز الـ 31 الف شخص .
بيانات احصائية
من 1 جانفي الى 31 مارس
البنود |
2010 |
2013 |
2014 |
عدد الوافدين |
1098331 |
923381 |
988767 |
المداخيل بملايين الدنانير |
381,4 |
389,2 |
393,0 |
المصدر :ادارة الدراسات الديوان الوطني للسياحة التونسية
غير ان حجر الزاوية ، حسب تقدير العديد من المختصين في الشأن السياحي ، هو بداية تفهم هياكل الاسناد المروجة للوجهة التونسية لأهمية دورها إضافة غلى تغيير عقلية بعض مؤسسات القرض التى أبدت استعدادها مؤخرا لتحفيز مستثمرين كثيرين عانوا الويلات خلال السنوات الأخيرة من نقص السيولة وتدنى الاسعار نتيجة المنافسة العشوائية وهيمنة بعض وحدات استقطاب السّواح على السوق وعدم وجود اي منظومة لتقنين الأسعار وتنظيمها حسب معايير محددة .
وفي هذا الإطار ، طرح من جديد ملف التمويل وإيجاد حل للتعثر المالي النسبي لبعض الوحدات خصوصا بجهات الحمامات الجنوبية وطبرقة وعين دراهم والجنوب الغربي بالتفاهم على مستوى تكفل كافة الأطراف المتدخلة في الموضوع بهذا الإشكال لضمان الانتعاش من جديد .
آمال و بدائل
من المؤسف أن اختيارات البلاد منذ التسعينات قد أدت لى احتلال تونس اليوم المرتبة الأخيرة في ما يتعلق باستقطاب االسّواح في الحوض الجنوبي للمتوسط دون اعتبار فرنسا وإيطاليا بحصة لا تتعدى 3% و كذلك تعتبر مداخيل القطاع مخجلة وهي التى لم تتجاوز منذ عشر سنوات حاجز الـ 6238 مليون دينار سجلت سنة 2007 و لكن الأمل والتفاؤل بجب ان يحدوا الجميع وذلك لعدة أسباب أهمها وجود نسيج تحتي يمكن أن يحقق للبلاد قفزة نوعية كما وكيفا في ميدان السياحة وفروع النشاط التابعة له شريطة مراعاة المعايير والحرص على إعادة تأهيل البنية الأساسية تدريجيا وصياغة نموذج تنموي متكامل يشمل تكوين اليد العاملة والتهيئة الترابية والتعامل بعقلانية مع مسألة السماء المفتوحة والبداية في التفكير بجدية في تنويع المنتوج وتطوير أصناف جديدة من الخدمات استئناسا بتجارب دول عديدة تعمل في محيط مشابه لبلادنا .
دون ادنى شك ، يعتبر موضوع النهوض بالقطاع السياحي وضمان تناغمه مع سائر فروع النشاط الاقتصادي مسألة حوكمة بالأساس إذ أن العمل خارج المعايير والارتجال وتسويق الرداءة وعدم وجود هياكل تمويل وإسناد ملائمة لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تداعيات وخيمة على النسيج القطاعي ويؤثر في تآكله وفي جانب أخر ، يعتبر التيقظ الاستراتيجي ومراقبة الأسواق وتغير نمط إقبال السّواح على مختلف الوجهات وتبدل عاداتهم الاستهلاكية مسألة مصيرية لمواكبة المستجدات وتحقيق المردودية بأقل ما يمكن من المخاطرة .
كلمات البحث :سياحة;مراد الحطاب
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.