يوافق اليوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2013 الفاتح من شهر محرم للعام الهجري الجديد 1435. وفي هذا اليوم يحيي التونسيون رأس السنة الهجري ذكرى هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، بطرق مختلفة وحسب خصوصية الجهة.
اذ يودع بعض التونسيون السنة الهجرية الماضية بطبق خاص من الكسكسي يسمونه « كسكسي رأس العام العربي » ،
وتشترك في طريقة إعداده تقريبا كل مناطق البلاد ويختلف عن طبق الكسكسى المألوف فلا توابل العادة ولا خضار ولا لحم طازج أوسمك بل يعتمد في إعداده حبات كسكسي العولة والقديد والفول والحمص الجاف والكركم أو الزعفران مع بعض الإضافات الصغيرة غير المؤثرة من منطقة إلى أخرى ويكون ذلك وجبة العشاء في تلك الليلة.
ثم يستقبلون العام الجديد بطبق « الملوخية » ليكون العام مباركا وسعيدا، فاللون الأخضر يرمز دوما للخير. حيث تطحن ورقات الملوخية التونسية حتى تصبح دقيقا ويستمر طهيها لعدة ساعات على نار هادئة إلى أن يستقر زيتها وينشف ماؤه. وتفضل بعض العائلات « البلدية » طهيها في « الكروانة » وهي عبارة عن قدر تقليدي من النحاس يوضع على الجمر مما يكسبها لذة أفضل.
أما في جزيرة جربة وغيرها من مدن الجنوب الشرقي فإن ربات البيوت اعتدن طبخ المحمص بالقديد والكثير من البقول وتزيينه بكميات كبيرة من البيض الملون الذي يتم توزيعه بعد ذلك على الأطفال.ويطبخ الطبق بطريقة مميزة ومختلفة عن الطرق المتبعة خلال سائر أيام السنة ، حيث يستخدم القديد، ويضاف إليه الكثير من البقول والفول الأخضر ويزين بالبيض المسلوق. والقديد هو لحم مجفف في الشمس، أضيف إليه الملح والكركم. وتحرص العائلات على الاحتفاظ بكمية من لحوم الأضحية لأجله.
وتشتهر ولاية توزر بإحياء جملة من العادات والتقاليد ترسخ الموروث الثقافي بالجهة في إطار الاحتفال برأس السنة الهجرية ومنها التبرّك بالحناء وإعداد الملوخية والحرص على استقبال السنة الهجرية باللون الأخضر ليكون العام «صابة» إذ لازالت بعض النسوة وخاصة المسنات منهن يتجملن بالحناء ومازالت الكثير من البيوت تستقبل أول أيام السنة الجديدة بإعداد أكلة الملوخية وملء الجرار بروائح العنبر والبخور أملا في ان يكون العام عام خير وبركة.
فيما يحتفل سكان مدينة نابل بالوطن القبلي بطريقتهم الخاصة في هذه الذكرى الدينية، حيث يضيفون إلى أطباقهم عرائس من الحلوى تكون في شكل عروس بالنسبة إلى الفتيات وفى أشكال ديك أو حصان أو أسد بالنسبة إلى الفتيان. حيث تمتلئ في الأسبوع الأخير من السنة المتاجر بمثل هذه العرائس التي يحتفظ بها إلى حين مقدم عاشوراء.
ومن التقاليد التي تحافظ عليها نساء مدينة نابل في استقبالهم للعام الهجري الجديد إعداد أكلة الكسكسى بالقديد والعصبان المجفف الذي يتم تزيينه بالبيض المسلوق والحمص والسكر والحلوى والفواكه الجافة.
والجدير بالذكر العادة التونسية المتمثلة في تحظير طبق الكسكسي بمناسبة راس السنة الهجرية تعود الى العهد الفاطمي و الذي تم فيه استحداث الاحتفال بقدوم السنة الهجرية الجديدة كل عام إحياء لذكرى الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة المنورة ، مثلها مثل الاحتفال بعاشوراء و المولد النبوي الشريف الذي كان الفاطميون هم أول من احتفل به على اعتبار أن أصولهم ترجع إلى آل البيت ليخطو على أثرهم الملوك الحفصيون في تونس .
و يُذكر أن الفاطميين قد حكموا تونس و شمال افريقيا لمدة 64 عاما عرفت فيها البلاد ازدهارا كبيرا، و في 969 تمكن الفاطميون من فتح مصر لينقلوا إليها عاصمتهم من المهدية الى القاهرة عام 973 .
و بالعودة إلى أصول طبق الكسكسي أو الكُسْكُس ينطق « سكسو » في بعض البلدان المغاربية أو « كسكسو » على غرار الجزائر و المغرب وشرق ليبيا ، و كُسْكْسِي في تونس و غرب ليبيا)، هو طبق أمازيغي قديم و يصنع من طحين القمح في شكل حبيبات صغيرة، ويتناول بالملاعق أو باليد. يطبخ بالبخار ويضاف إليه اللحم، أو الخضر، أو الفول الأخضر أو الحليب، أو الزبدة والسكر الناعم و يسمى « بالمسفوف » في تونس.
كلمات البحث :راس السنة الهجرية;عادات و تقاليد
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.