يُحيي جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم اليوم السبت 21 مارس 2020، و26 رجب 1441 هجرياً ليلة الإسراء والمعراج، الليلة الذي ذهب فيها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من دولة إلى دولة وصعد إلى السماء وعاد إلى الأرض فيها.
ورحلة الإسراء والمعراج معجزة كبرى فيها من الدروس ما نحن بحاجة إليه الآن مثل الأخذ بالأسباب، وأنه مع كل أزمة أو محنة توجد منحة علينا أن نسعى إليها بالجد والاجتهاد والعمل.
أجمع العلماء على أن رحلة « الإسراء والمعراج » جرت في منتصف فترة الرسالة الإسلامية ما بين السنة الحادية عشر إلى السنة الثانية عشر، منذ أن أعلن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أن الله قد أرسل جبريل يكلفه برسالة دينية يبلغها إلى قبيلته قريش ومن ثم إلى البشرية، وأنها تتمة وخاتمة لرسالات السماء السابقة.
ولم تكن رحلةُ الإسراء والمعراجِ حدثاً عادياً، بل كانت معجزةً إلهيَّة متكاملةً أيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمداً عليه الصَّلاة والسَّلام، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُ عنها البَشر.
حيث أُسرِيَ بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس فأسرى به سبحانه وتعالى ليريه من آياته ما أراد ومن قدرته التي يصنع بها ما يريد ثمَّ عَرَجَ بِهِ إلى السَّماواتِ العُلى.
بقوله تعالى في سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وقوله تعالى في سورة النجم عن المعراج: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى • عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}.
وقد انطلقت الرحلة، بقدوم جبريل عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندما كان نائما في الحجر فهمزه بقدمه، فجلس رسولنا الكريم فلم يرَ شيئا، ثمّ عاد إلى مضجعه، فجاءه مرّةً ثانية فهمزه بقدمه، فجلس ولم يرَ شيئا، ثمّ عاد مرّة أخرى إلى مضجعه، فجاءه مرّةً ثالثة فهمزه بقدمه، فجلس رسولنا الكريم، وأخذ جبريل بعضده، وحينها قام رسول الله معه، وخرج به جبريل إلى باب المسجد، فإذا رسول الله يرى دابّةً بيضاء بين البغل والحمار، في فخذيها جناحان تحفّز بهما رجليه، ثمّ وضع جبريل يده في منتهى طرف الرّسول فحمله عليه، وخرج معه.
مضى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصحبة جبريل عليه السّلام حتّى انتهى به المطاف إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفرٍ من الأنبياء، فأمّهم رسول الله في صلاته، ثمّ أُتى جبريل رسول الله بوعائين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن. قال: فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إناء اللبن وشرب منه، وترك إناء الخمر. فقال له جبريل: هديتَ للفطرة، وهديت أمّتك يا محمّد، وحرّمت عليكم الخمر. ثمّ عاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى مكّة.
في صباح اليوم التّالي اجتمع الرّسول الكريم في قبيلة قريش وأخبرهم بما حصل معه، فقال أكثر النّاس: والله هذا الأمر لبيّن، وإنّ الرّسول لصادق ٌ آمين، وإنّ العير لتطرد شهرآ من مكّة إلى الشام مدبرة، وشهراً مقبلة، فقال العير إنّ هذا القول لا يصدّق أفيذهب محمّدٌ ويرجع إلى مكّه في ليلة واحدة؟! قال جبريل: فارتدّ كثيرٌ ممّن كان قد أسلم، وذهب النّاس إلى أبي بكر، فقالوا له: يا أبا بكر إنّ صاحبك محمّد يزعم أنّه قد جاء من بيت المقدس وصلّى فيه ورجع إلى مكّة، فقال لهم أبو بكر: إنّكم تكذبون على رسول الله، فقالوا: بلى، ها هو الرّسول في المسجد يحدّث الناس بما حدث معه، فقال أبو بكر: والله لئن كان قال هذا الكلام لقد صدق، فما العجب من ذلك! فوالله إنّه ليخبرني أنّ الخبر يأتيه من الله من السّماء إلى الأرض في ساعةٍ من ليلٍ أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد ممّا تعجبون منه.
أقبل أبو بكر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله، أحدّثت القوم أنّك كنت في بيت المقدس هذه الليلة؟ قال الرّسول: نعم، قال: يا رسول الله، صف لي ذلك المسجد، وأخذ الرّسول يصف ويحدّث أبا بكر عن بيت المقدس، فقال له أبو بكر: أشهد أنّك رسول الله، وكان يكرّرها كلّما وصف له شيئاً رآه.
بدأت رحلة المعراج من عند الصخرة حيث نصب المعراج الي عنان السماء وهو مرقاة من الذهب ومرقاة من الفضة والزبر والياقوت الأحمر، ثم طرق جبريل باب السماء الأولى فرأى سيدنا محمد سيدنا اسماعيل خازن سماء فالثانية أين رأى « يحيى بن زكريا » و « عيسي ابن مريم » ثم صعداَ السماء الثالثة فرأى سيدنا داود وسيدنا سليمان و سيدنا يوسف بن يعقوب، فالرابعة فشاهد فيها ملك الموت عزرائيل وسيدنا ادريس.
ثم رأى الرسول أنواع العذاب، 70 ألف بحر من غسلين، و70 ألف بحر من غساق ، و70 ألف بحر من قطرا و70 ألف من بحر من رصاص مذوب ثم رأى الرسول أصناف المعذبين .
و إنّ في ليلة الإسراء ربطٌ عجيبٌ بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ليعلم المسلمون أنّ ما يتعرّض له أحد المسجدين وهو المسجد الأقصى من سوءٍ ينبغي أن يحرّك مشاعر المسلمين لتحريره من دنس الأعداء .
ولعل الله عز وجل قد أراد من خلال رحلة الإسراء والمعراج تسرية وتسلية المصطفى صلوات الله وسلامه عليه عما قاساه، وتعويضاً عما أصابه إذ فقد سنده عمه أبو طالب والذي كان يدافع عنه ضد أذى المشركين كفار قريش وتزامن مع وفاته وفاة رفيقة دربه السيدة خديجة رضي الله عنها، لِيُعلِمَهُ الله عز وجل أنه إذا كان قد أعرض عنك أهل الأرض فقد أقبل عليك أهل السماء، إذا كان هؤلاء الناس قد صدّوك فإن الله يرحب بك وإن الأنبياء يقتدون بك، ويتخذونك إماماً لهم، كان هذا تعويضاً وتكريماً للرسول الأكرم.
كلمات البحث :رحلة الإسراء والمعراج
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.