يفتح الله سبحانه وتعالى باب التوبة لمن أرادها بصدق، فيبسط عز وجل يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
التوبة إلى الله جل وعلا من أجلّ العبادات وأحبها إليه، ومن أوسع الطرق إلى رحمته وجنته وعطائه، ورضوانه، لأنها توجب الذل والخضوع والانكسار بين يدي الله سبحانه، والاعتراف بالذنب والتقصير في جنب الرب تبارك وتعالى، ففيها تظهر ملامح العبودية في أسمى صورها، كما تجعل التائب سعيدا مبتهجا يفتح صفحة بيضاء جديدة لا يظهر فيها حبر سائل من الصفحة السابقة، كولادة حديثة.
قال الله سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (الشورى 25)، وقوله أيضا: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ( سورة البقرة 222)
فمن أراد التوبة لله تعالى والرجوع إلى الطريق المستقيم، عليه أن يقلع عن الذنوب من قبل أن يأتي يوم يحال فيه بينه وبينها، فيتحسر على ما فرط، ويضيق ذرعا بما وصل إليه من واقع مرير.
وقال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) (الزمر 53 54 ).
ولكن التوبة المتقبَلة الصحيحة لا تُعطَى لمن أسرف في الإجرام، واستمر على الآثام، وارتكب المحارم بعمد، وقصّر واستهزأ بوعد الله سبحانه وتعالى ووعيده فإذا فاجأه الموت وأخذ يعتذر وأخذ يتنصل من ذنوبه، فهذا ليس ممن يستحق التوبة.
وقال الله تعالى في هذا السياق: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (سورة النساء 18).
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.