شارك وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي يوم السبت 12 أفريل 2025، كمتحدث رئيسي، في حلقة نقاش تحت عنوان « إعادة التفكير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ظلّ التحوّلات الراهنة »، إلى جانب كل من لويجي دي مايو، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الخليج، ووزير الخارجية الايطالي الأسبق، ونوح يلماز، نائب وزير الخارجية التركي، وسلمان الشيخ، الرئيس التنفيذي لمجموعة الشيخ، وذلك ضمن فعاليات منتدى أنطاليا الدبلوماسي المنعقد حاليا بتركيا.
وخلال مداخلاته في الجلسة، استعرض الوزير تطورات الوضع الراهن في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، المتّسم بتفاقم الأزمات والصراعات والنزاعات، وما أسفرت عنه من انعكاسات ألقت بتداعياتها على أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره. ووجّه بالمناسبة جملة من الرسائل وفقا لتوجهات بلادنا وانسجاما مع مرتكزات سياستها الخارجية :
التأكيد على تمسك تونس الراسخ بمبادئ العمل متعدّد الأطراف تحت مظلّة الأمم المتّحدة، و انخراطها الفاعل في المسارات التحضيرية لقمّة المستقبل، التي ستساهم مخرجاتها في إضفاء مزيد من النجاعة على أداء ودور المؤسّسات الأممية والتأسيس لمستقبل أفضل للأجيال القادمة.
. إبراز دلالات قرار بلادنا القاضي بوضع برنامج الدبلوماسية التونسية خلال سنة 2025 تحت الشعار الذي يحمل دلالة رمزية ويتمثل في « تعزيز العمل متعدّد الأطراف وتوطيد التعاون في إطار منظومة الأمم المتّحدة »، والذي يتزامن مع إحياء المجموعة الدولية لذكرى مرور 80 سنة على إنشاء إحدى أعرق المنظّمات الدولية، منظّمة الأمم المتّحدة، التي تبقى موئل الشرعية الدولية مهما اهتزّ دورها وتراجعت نجاعتها، وذلك من أجل إقامة نظام عالمي جديد يكون أكثر إنسانية وأكثر عدلا وإنصافا عبر اعتماد مقاربات جديدة في التعاطي مع جملة التحدّيات الماثلة وطرح رؤى وخطط عمل واقعية لمواجهتها بكل اقتدار.
* التأكيد على التزام تونس الثابت باحترام مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وحرصها على الانخراط الفاعل في كلّ الجهود والمبادرات الرامية إلى استعادة الشرعية الدولية لدورها في تنظيم العلاقات الدولية، وهي الرسائل التي ما انفكّت توجّهها إلى مختلف الفضاءات التي تنتمي إليها.
. تجديد الدعوة للمجموعة الدولية لتحمل مسؤولياتها في الاضطلاع بدورها الطبيعي لحلَ مشاكل المنطقة وأزماتها، وفي مقدمتها وقف حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يشنها الكيان المحتل ضد المدنيين العزّل في غزة، وفق نهج تصعيدي تجاوز كلّ الخطوط الحمراء، بكلّ ما نتج عنها من أعداد غير مسبوقة من الشهداء والجرحى والمهجّرين قسريا، ودمار شامل للبنى التحتية الحيوية،
* إبراز التحديات العديدة التي تواجهها منطقة شمال إفريقيا والمتربطة بالتطوّرات في منطقة الشرق الأوسط، وتواصل حالة عدم الاستقرار في منطقة جنوب الصحراء، وتداعياتها الخطيرة ، خاصة في تفاقم موجات الهجرة غير النظامية واستفحال أنشطة التنظيمات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظّمة وشبكات الاتجار بالبشر و التهريب وتجارة المخدّرات والأسلحة.
* التذكير بأنّ المخاطر المحدقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لم تتشكّل من خلال النزاعات القائمة وحرب الإبادة المستمرّة والمخطّطات العدوانية للقوّة القائمة بالاحتلال فقط، بل أيضا من خلال ما تعاقب من أزمات دولية مترابطة وتحوّلات جيوسياسية وديناميكيات عالمية أوسع، برزت بالخصوص منذ انتشار جائحة Covid – 19 واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، بكلّ ما انجرّ عن ذلك من تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية وإنسانية وتحدّيات تنموية، لا سيّما على مستوى الأمن الغذائي والأمن الطاقي، وتراجع نسب النموّ وحجم الاستثمارات وحركة السياحة، وتعطّل مسارات تحقيق أهداف التنمية المستدامة والقدرة على التصدّي لتأثيرات التغيرات المناخية.
* التنبيه إلى أن تغييب قضايا المنطقة وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية عن سلّم أولويات الأطراف المؤثّرة إقليميا ودوليا، وعدم وجود التزام دولي جماعي للإسهام في تسوية مختلف القضايا المطروحة، بما في ذلك اليمن والسودان، سيزيد في تعقيد الأوضاع ومفاقمة ما تواجهه بلدان المنطقة وشعوبها من تحدّيات ومخاطر كبرى.
* الحرص على مساعدة الأشقاء في ليبيا على حل ليبي-ليبي يقوم على الحوار والتوافق الوطني بما يحفظ وحدة ليبيا واستقرارها تحت راية وبمساعدة منظمة الأمم المتحدة.
* تجديد التأكيد على أنّ انفراج الأوضاع وتحقيق الاستقرار الدائم وتعزيز السلم والأمن الدوليين لا يمكن أن يتحقّق ما لم يتمّ التوصّل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما ينهي الاحتلال ويعيد الحقوق المشروعة ويضع حدّا للسياسات والمخطّطات العدوانية والتوسّعية والتهويد والتهجير، ويؤدّي إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلّة ذات السيادة الكاملة على كامل أراضيها وعاصمتها القدس الشريف.
واختتم الوزير مداخلته ، بالتأكيد على ان الأمل يبقى قائما لدى الاجيال المقبلة لإحلال السلام المنشود، متى توفرت العزيمة الصادقة لدى المجموعة الدولية وتظافرت الجهود الدبلوماسية، دولا ومنظمات أممية وعربية وإسلامية وافريقية وأوروبية ومتوسطية، مع مكونات المجتمع المدني والإنساني وانخراط مسؤول من القطاع الخاص.
هذا وواصل الوزير ، في إطار مشاركته في أشغال الدورة الرابعة لمُنتدى أنطاليا الدّبلوماسي، لقاءاته الثنائية، حيث إجتمع، على التوالي، مع كل من وزير خارجية تنزانيا « محمود ثابث كومبو »، ووزير خارجية جمهورية المالديف « عبد الله خليل »، واستعرض معهما سبل تعزيز التعاون الثنائي وتنسيق المواقف المشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتبادل دعم الترشحات لمناصب أممية .
كما كان للوزير لقاء مع « أحمد أبو الغيط »، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في أفق زيارته إلى تونس قريبا، في إطار الاجتماعات التنسيقية التي تجريها الجامعة مع مختلف المراكز والمنظمات العربية التي تحتضنها بلادنا.