من أنوار التنزيل 32 : الآية 49 من سورة البقرة

اخر تحديث : 24/07/2014
من قبل | نشرت في : الدين,تونس

سورة البقرة

 

بقلم الشيخ بشير طبابي

الحمــد اللّــه الملــك المعبــود. ذي العطــاء والمنــن والجــود واهــب الحيـــاة وخــالــق الــوجــود الّـذي اتّصــف بالصّمــديــة وتفــرّد بالـوحــدانيّــة . والمــلائكــة وأولـوا العلــم علــى ذلــك شهـــود. وأشهــد أن لا إلــه إلاّ اللّـه ذو العـرش المجيــد الفعّـال لمـا يــريـــد. المحصــي المبــدئ المعيـــد . خلــق الخلــق فمنهــم شقـــيّ وسعيـــد. وبشّــر الطّـائعيــن بالجنّــة والمــزيــد . وأشهــد أنّ سيّــدنـا محمّــد عبــده ورســولـه البشيــر النّـذيــر النـور المبيــن . والسّــراج المنيــر. أعطـا مجـامــع الكلــم فمـا أخطــأ التّعبيــر. أنــزل النّـاس منـازلهــم فـوقّـر منهــم الكبيــر. وخـاطبهــم علـى قــدر عقـولهــم ورحــم منهــم الصّغيــر. اللّهــمّ صــلّ وسلّــم وبـارك عليــه وعلـى أصحـابـه مـا تــردّد نفــس بيــن شهيــق وزفيــــر. وكلّمـا عسعـــس اللّيــل وتنفّــس الصّبــح وفاح مــن الــورود عبيــر.
يقــول اللّـه تعـالـى بعــد أعـوذ باللّــه السّميــع العليــم مـن الشيطــان الــرّجيــم بســم اللّــه الـرّحمـان الـرّحيــم « وإذ نجينـاكــم مـن آل فـرعـون يسـومـونكــم ســوء العــذاب يــذبّحــون أبنــاءكــم ويستحيــون نســاءكــم وفـي ذالكــم بــلاء مـن ربّكـــم عظيـــم (49) «  لقـــد تحـدّثـت لكــم فـي المقال السّـابق أنّ اللّــه تبـارك وتعـالـى قــد قــدّم ذكــر نعمــه علـى بنــي إســرائيــل إجمــالا.
وفـي هــذه الآيــات يبيّــن اللّــه تعـالــى أقســام تلــك النّعــم علـى سبيــل التّفسيـــر ليكــون أبلـــغ فـي التــذكيــر وأدعــى إلـى الشّكــر ، فكــأنّــه قــال أذكــروا نعمتــي واذكــروا إذ نجينــاكــم مــن آل فــرعــون واذكــروا إذ فــرقنـا بكــن البحــر إلـى آخــره.
كــلّ هــذه النّعـــم تستدعـــي شكــر المنعــم جــلّ وعلـى لا كفــرانــه وعصيــانــه.
يقــول اللّـه تعـالــى « وإذ نجينــاكــم » اذكــروا يـا بنـي إســرائيــل نعمتـي عليكــم حيــن نجيــت آبــاءكــم مـن آل فــرعــون مـن بطــش فــرعــون وأشياعـــه العتـــاه والخطــاب هنــا للأبنــاء المعـاصــريــن للنّبــيّ صلّـى اللّـه عليــه وسلّــم لأنّ النّعمــة للآبــاء نعمــة علــى الأبنــاء كمـا ذكــرت ســابقــا.
« يســومـونكــم ســوء العــذاب » أي يــولــونكــم ويــذوقــونكــم أشــدّ العــذاب وأفظعـــه والسّـــوء هــو مشتمــل علـى ألــوان شتّــى مـن العــذاب كالجــد والأعمــال الشّـاقــة ونحــوهـا.
مـاذا يفعلــون « يــذبّحــون أبنــاءكــم » أي يــذبّحــون الـذّكــور مـن الأولاد. ومـاذا يفعلــون بالإنـــاث « ويستحيــون نســاءكــم » أي يبقــون الإنـــاث علــى قيـــد الحيــاة لمــاذا؟ لتــذليلهـــم بالخــدمـــة.
« وفـي ذالكــم بــلاء مـن ربّكـــم عظيـــم » أي فيمـا ذكــر مـن العــذب المهيــن مـن الـذّبــح والاستحيـــاء محنــة واختبــار عظيـــم لكـــم مـن اللّــه تعــالــى بتسليطهــم عليكــم ليتميّـــز البــرّ مـن الفـاجــر.
« وإذ نجينــاكـم مـن آل فــرعـون » ورد فـي مــوضــع آخــر « وإذ أنجينــاكـم مـن آل فــرعـون » وهــل هنــاك فــرق بيــن نجينــاكــم وأنجينــاكــم هنــاك فــرق كبيــر بيــن كلمــة نجّــى وكلمــة أنجــى . فكلمــة نجّـى تكــون وقــت نــزول العــذاب وكلمــة أنجــى تمنــع عنهــم العــذاب الأولــى للتّخليــص مـن العــذاب. والثّـانيــة لإبعــاده نهائيـــا ففضـــل اللّــه عليهــم كــان علــى مـرحلتيــن الأولـى أنّـه خلّصهــم مـن عــذاب واقــع عليهــم والثّـانيــة أبعــدهــم عـن آل فــرعــون وخلّصهــم منــه نهـائيّــا . واللّـه ورســولـه أعلــم والسّــــــلام عليكــــم ورحمــــة اللّــه تعــالـــى وبـــركـــاتــه.


Print This Post

كلمات البحث :;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.