من أنوار التنزيل (16) : الآية 23 من سورة البقرة

بقلم الشيخ بشير طبابي

بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيـم إنّ الحمـد للّــه نحمــده ونستعيـنـــه ونستغفــره ونعـوذ باللّـــه مـن شـرور أنفسنـا وسيّئــات أعمـالنـــا ، مـن يّهـــده اللّـــه فــلا مضــلّ لـه ، ومــــن يضــلل فـــلا هـــادي لــه ، أشهـــد أن لا إلــه إلاّ اللّــه وحــده لا شــريـك لـه وأشهــد أنّ محمّــــدا عبــــده ورسـلــه وأمينــه علـى وحيـيــه وخيــرتـه مـن خلقــــه ، المبعــوث بالـدّيـن القـويــم والمنهـــج المستقيــــم ، أرسلـــه اللّـه تعـالـى رحمــــة للعـالميـن وإمـامـا للمتّقيــن وحجّـــــة علـى الخــلائــق أجمعيــن.
أمّـا بعـد إخــوة الإيمــان يقــول اللّــه تعــالـى فـي محكــم التنــزيــل. فـي ســورة البقــرة بعــد أعــوذ باللّـه مـن الشيطـان الـرّجيــم بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيــم « وإن كنتــم فــي ريــب ممّـــا نــزّلنـا علـى عبــدنــا فـأتــوا بســورة مـن مثلـــه وادعـوا شهــداءكــم مـن دون اللّــه إن كنتــــم صـــادقيـــن (23) » صـدق اللّـه العظيـم.
أحبّتــي فـي اللّـه بعــد أن صنّــف القــرآن النّـاس إلـى أقســام ثــلاثــة كمـا هــو مـوظّـفــا فـي الآيــات السّـابقــة لهــذه الآيــات وهــذه الأقســام هــي المتّقيــن المــوحّــديــن . والجـاحـديــن المعـارضيــن . والمنـافقيــن المــذبذبيــن .
وبعــد أن أثبــت اللّـه تعـالـى الــوحــدانيّــة والــربـوبيّــة لــه وحــده ونفـى الشــركــاء بالمنطــق والبــرهــان أثبــت اللّـه تعـالـى فـي هــذه الآيــات أنّ القــرآن كــلام اللّـه وأنّــه نــزل مــن عنــده بــدليــل أنّــه معجـــز لــم يتمكـــن أحـــد مــن الإنس أو الجـــنّ مجــاراتــه ولا الإتيـــــان بمثلـــه مــع أنّ العــرب فــرســان البــلاغــة وأسـاطيــر الفصــاحــة. ولا فخــر لهــم إلاّ بالكــلام شعـــرا ونثــرا وخطــابــا.
وبأنّهــم عجــزوا ولــم يستطيعــوا الإتيــان بمثلــه لأقصــر ســورة مـن القــرآن ، فقــد ثبــت صــدق محمّــــد صلّـى اللّـه عليــه وسلّــم فـي مــا ادّعـاه مـن النّبــوّة ومـا أتــى بــه مـن الــرّســالــة الإلاهيــــة وكــان منكــر نبــوّتــه ورســالتــه مستحقّــا للعقــاب والجــزاء فــي نــار جهنّـــم والعيــاذ باللّــه .
ذكــر اللّـه تعـالـى بعــد أدلّــة التــوحيــد الحجّــة علـى النّبــوّة وأقــام البــرهـان علـى إعجــاز القــرآن فقــال « وإن كنتــم فــي ريــب ممّـــا نــزّلنـا علـى عبــدنـا » إذا كنتــم أيهــا النــاس فــي شــكّ وارتيّـــاب مــن صــدق هــذا القــرآن المعجــز فــي بيــانــه والمعجــز فـي تشــريعــه ونضمـــه الّــذي أنــزلنـاه علــى عبــدنـا ونبيّنــا محمّـــد صلّـى اللّـه عليــه وسلّــم.
« فـأتــوا بســورة مـن مثلـــه » فـأتــوا بســورة واحــدة مـن مثــل هــذا القــرآن فـي البــلاغــة والفصــاحــة والبيــان.
« وادعـوا شهــداءكــم مـن دون اللّــه » أدعـوا أعــوانكــم وأنصــاركــم الّـذيـن يسـاعــدونكــم علـى معـارضــة القــرآن غيــر اللّــه سبحــانــه . المــراد استعينـوا بمــن شئـتــــم غيــره تعــالــى. قــال « البيضـــاويّ المعنــى » : « أدعــوا للمعــارضـــة مــن حـضــركـــم إن رضيتـــم بمعــونتـــه مــن إنسكـــم وجنّكــــــم وآلهتكـــــم غيـــر اللّــه سبحــانــه وتعــالــى أنّــــه لا يقـــدر أن يــأتــي بمثلـــــه إلاّ هــو وحـــده سبحــانـــه وتعــالــى »
« إن كنتــــم صـــادقيـــن » أي أنّـــه مختلــف وأنّــه مــن كــلام البشــــر . واللّــه ورســولــه أعلــم والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه وبـركـاتـه.

كلمات البحث :الشيخ بشير طبابي;من انوار التنزيل

نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.