بقلم السيخ بشير طبابي
بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيـم . إنّ الحمـد للّــه نحمــده ونستعينــــه ونستغفــره . ونعـوذ باللّـــه مـن شـرور أنفسنـا وسيّئــات أعمـالنـــا مـن يّهـــده اللّـــه فــلا مضــلّ لـه . ومــــن يضــلل فـــلا هـــادي لــه . أشهـــد أن لا إلــه إلاّ اللّــه وحــده لا شــريـك لـه . وأشهــد أنّ محمّــــدا عبــــده ورسـلــه . وأمينــه علـى وحيـيــه وخيــرتـه مـن خلقــــه المبعــوث بالـدّيـن القـويــم والمنهــج المستقيــم . أرسلـــه اللّـه تعـالـى رحمــــة للعـالميـن وإمـامـا للمتّقيــن وحجّـــــة علـى الخــلائــق أجمعيــن .
إخــوة الإيمـان نواصل في هذا المقال تفسير الآية 20 من سورة البقرة. يقــول اللّــه تعـالـى فـي محكــم التـنـزيــل بعــد أعـوذ باللّـه مـن الشيطـان الـرّجيـم بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيــم « يكـــَادُ الْبَــرْقُ يَخْطَـــفُ أَبْصَارَهُــــمْ كُلَّمـــَا أَضَـــاء لَهُـــم مَّشَــــوْا فِيـــهِ وَإِذَا أَظْلـــَمَ عَلَيْهِـــمْ قَامُــــواْ وَلَــوْ شَــــاء اللَّــهُ لَذَهَــــبَ بِسَمْعِهِـــــمْ وَأَبْصَارِهِــــمْ إِنَّ اللّــــَه عَلَــى كُـــلِّ شَـــيْءٍ قَدِيــــرٌ(20) « صـدق اللّـه العظيـم.
يقــول تعـالـى « يكـاد البـرق يخطـف أبصـارهـم » يقـارب هـــذا البـرق لشـدّتــه وقـوّتـه وكثـرت لمعـانـه أن يـذهـب بأبصـارهـم فيأخــذهــم بســرعـة.
« كلّمـا أضـاء لهـم مشــوا فيـه »كلّمـا أنـار لهـــم البـرق الطّـريـق مشــوا فـي ضــوئــه.
« وإذا أظلــم عليهــم قـامـوا » إذا اختفـــى البـرق ووقـف عـن لمعـانـه وقفـوا عـن السيـر وثبتـوا فـي مكـانـهـم وفـي هـذا تصـويـر لمـا هــم فيـه مـن غـايـة التحيّـر والجهـل. فإذا صـادفـوا مـن البـرق لمعـة مـع خـوفهـم أن يخطـف أبصـارهـم انتهزوها فـرصـة فخطـو خطـوات يسيـرة وإذا خفـــي وفطـر لمعـانـه وقفـوا عـن السيـر وثبتـــوا فـي أمـاكنهـم خشيـة التـردّ فـي حفـــرة .
« ولـو شـاء اللّـه لـذهـب بسمعهـم وأبصـارهـم » لـو أراد اللّـه لـزاد فـي قصـف الـرّعـد فأصمّهــم وذهـب بأسمـاعهــم فــي ضــوء البـرق فأعمـاهـــم وذهـب بأبصـارهــم.
« إنّ اللّـه علـى كـلّ شــيء قــديــر » إنّـه تعـالـى قـادر علـى كـلّ شــيء لا يعجــزه أحــد فـي الأرض ولا فـي السّمـاء . قـال الإمـام « ابـن جـريـر الطبـريّ » : « إنّمـا وصـف اللّـه نفســـه بالقـدرة علـى كـلّ شــيء فـي هــذا المـوضـع لأنّـه حـــذّر المنـافقيـن بأســه وسطـوتــه وأخبـرهــــم أنّـه بهـــم محيـط وعلـى إذهـاب أسمـاعهـم وأبصـارهـم قـادر » .
المنـاسبـة في هـــــذه الآيـات أنّـه لمّـا ذكـر اللّـه تعـالى الأصنـاف الثّـلاثـة . المـؤمنيـن والكـافـرين والمنـافقيـن وذكـر مـا تميّـزوا بـه مـن سعـادة أو شقـــاوة أو إيمـانـا أو نفـاق وضـرب الأمثـال ووضّـح طـرق الضّــلال أعقبــه هنـا بـذكـر الأدلّـة والبـراهيـن علـى وحـدانيّـة ربّ العـالميـن وعـرّف النّـاس بنعمــه ليشكـروه عليهـا ،
وأقبـل عليهـم بالخطـاب « يـا أيّهـا النّـاس » وهـذا الخطـاب لجميـع الفئـات ممتــنّــا عليهــم بمـا خلــق ورزق وأبـرز لهــم معجـزة القـرآن بأنصــع بيـان وأوضــح بـرهـان . ليقتلــع مـن القلــوب بــذور الشــكّ والارتيـاب .
نســأل اللّـه العلـيّ القـديـر أن يجعلنـا مـن مــن يستمعــون القــول فيتّبعــون أحسنـــه . ونسألــه أن يجعــل القــرآن العظيــم ربيــع قلــوبنــا . وجــلاء أحــزاننـا وذهــاب همــومنــا وغمــومنــا . ونسألــه تخلّقـــه . والعمــل بــه والجهــاد تحــت لــوائـــه .
أحبّتــي فـي اللّـه كـونـوا كمـا قــال الحبيـب صلّى اللّـه عليـه وسلّـــم « لابـن عبّـــاس » رضي اللّـه أنّـــه قـال : « كنـــت رديـــف النّبـيّ صلّى اللّـــه عليـه وسلّـــم يـومـا فقـال : « يـا غـلام إنّي أعلّمك كلمــات إحفــظ اللّـه يحفظـك إحفــظ اللّـه تجـــده تجاهـــك إذا سألـت فاســأل اللّـه وإذا استعنـت فاستعـــن باللّـه واعلـم أنّ الأمّـة لـو اجتمعـت على أن ينفعـوك إلاّ بشــيء قـــد فـد كتبـه اللّـه لـك لـن ينفعـوك واعلـــم أنّ الأمّـة لو اجتمعـــت على أن يضـرّوك بشـيء لـن يضـرّوك إلاّ بشـــيء فــــد كتبـــه اللّـه عليك رفعـت الأقـلام وجفّــــت الصّحـف » .واللّـه ورسـوله أعلـم وأستــودعكــم اللّـه الّـذي لا تضيــع ودائعــه والسّـلام عليكــم ورحمتــه اللّـه تعـالـى وبـركـاتــه .
كلمات البحث :الشيخ بشير طبابي;من انوار التنزيل
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.