مــــن أنـــــوار التنــزيـــل (18) : الآية 25 من سورة البقرة

بقلم الشيخ بشير طبابي

بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيـم ، إنّ الحمـد للّــه نحمــده ونستعينـــــه ونستغفــره ونعـوذ باللّـــه مـن شـرور أنفسنـا وسيّئــات أعمـالنـــا ، مـن يّهـــده اللّـــه فــلا مضــلّ لـه ومــــن يضــلل فـــلا هـــادي لــه ، أشهـــد أن لا إلــه إلاّ اللّــه وحــده لا شــريـك لـه وأشهــد أنّ محمّــــدا عبــــده ورسـلــه وأمينــه علـى وحيـيــه وخيــرتـه مـن خلقــــه المبعــوث بالـدّيـن القـويــم ، أرسلـــه اللّـه تعـالـى رحمــــة للعـالميـن وإمـامـا للمتّقيــن وحجّـــــة علـى الخــلائــق أجمعيــن.
إخــوة الإيمــان . يقــول اللّــه تعــالـى فـي محكــم التنــزيــل. فـي ســورة البقــرة بعــد أعــوذ باللّـه مـن الشيطـان الـرّجيــم بســم اللّـه الـرّحمـان الـرّحيــم « و بشّــر الّــذيــن آمنــوا وعملــوا الصّـالحـــات أنّ لهـــم جنّـــات تجــري مــن تحتهــم الأنهــار كلّمــا رزقــوا منهـــا مــن ثمــرة رزقـــا قــالــوا هــذا الّـذي رزقنــا مـن قبــل وأتـــوا بـــه متشــابهــا ولهـــم فيهــا أزواج مطهّــــرة وهــــم فيهــا خـالـــدون آيـــة 25″ صـدق اللّـه العظيـم. أحبّتــي فـي اللّـه أسـأل اللّــــه العلـيّ العظيــم.
يعقــــد القــرآن عــادة مقــارنــات بيــن الأشيـــاء المتضــادّة فلمّــــا ذكــر اللّــه جـــزاء الكـافـــريـن والعصـــاة فــي الآيــات السّــابقـــة ، أردف ذلــك فـي بيــان جـــزاء المــؤمنيــن الأتقيّـــاء الأطهـــار ليظهـــر الفــرق بيــن الفــريقيــن وليكــون ذلــك أدعــى للعبـــرة والعظــــة. فهنـــا لمّــا ذكـــر مـا أعـــدّه لأعـــدائـــه عطــف عليـــه بــذكــر مـا أعـــدّه لأوليّـــائـــه علـى طــريقــة القــرآن المستمـــرّة فــي الجمــع بيــن التــرغيــب والتّــرهيــب للمقـــارنــة بيــن حــال الأبـــرار والفجّـــار . فقـــال « و بشّــر الّــذيــن آمنــوا وعملــوا الصّـالحـــات » وبشّــــر يـا محمّـــد يــا رســول اللّـــه المــؤمنيــن المتّقيـــن الّـذيـن كـانــوا فـي دنيـا محسنيــن والذين جمعــوا بيـن الإيمــان والعمــل الصّـالــح.
« أنّ لهـــم جنّـــات تجــري مــن تحتهــم الأنهــا » بأنّ لهــم حــدائــق وبســاتيــن ذات أشجـــار ومســاكــن تجــري مــن تحــت قصـــورهــا ومسـاكنهــا أنهـــار الجنّـــة.
« كلّمــا رزقــوا منهـــا مــن ثمــرة رزقـــا » كلّمــا أعطـــوا عطـــاء ورزقــوا رزقـــا مــن ثمــار الجنّـــة.
« قــالــوا هــذا الّـذي رزقنــا مـن قبــل » هــذا الــرّزق مثــل الطّعـام الّـذي قــدّم إلينـــا قبــل هــذه المــرّة . مـاذا يعنــي ذلــك . أيّهــا الإخــوة الكــرام إنّ أهــل الجنّـــة يــرزقــون مــن ثمـارهــا تأتــي المــلائكــة بهــذا الــرّزق فإذا قــدّم لهـــم مـــرّة ثـــانيـــة قــالــوا هــذا الّـذي أتيتمـــونــا بــه مـن قبـــل فتقـــول المــلائكـــة كـــل يــا عبـــد اللّـه فاللـــون واحـــد والطّعـــم مختلــــف.
قــال تعــالـــى « وأتـــوا بـــه متشــابهــا » متشــابهـا أي فــي الشّكـــل والمنظـــر لا فــي الطّعـــم والمخبـــر . قــال « ابـن الجــريــر الطّبــري » :يعنـــي فــي اللّــون و المـــرء وليـــس يشبهــــه فــي الطّعـــم . قــال « ابـن عبّـــاس » : لا يشبــــه شـــيء ممّـــا فــي الجنّــــة مـا فــي الــدنيـــا إلاّ فــي الأسمــــاء يعنــي بــذلــك ثمـــر الجنّـــة ودور الجنّـــة فالاســـــم واحـــد ولكـــن لا تشـــابـــه فــي الشّكـــل والطّعـــم وغيـــره.
يقـــول اللّــه تعــالــى بعــد ذلـــك « ولهـــم فيهــا أزواج مطهّــــرة » إنّ للمــؤمنيـــن فــي الجنـــة زوجـــات مــن الحــور العيـــن مطهّـــرات مــن الأقــدار والأدنــاس الحسيّـــة والمعنــويّـــة . قــال « ابــن عبّــاس » رضــي اللّــه عنـــه : مطهّـــرة مــن القـــذر والأذى ويعنــي بــذلــك مطهّـــرة مـن الحيــض والنّفـــاس والغــائـــط والبـــول والنّخـــام وورد أنّ نســـاء الــدنيـــا المــؤمنـــات يكــــن يـــوم القيـــامـــة أجمـــل مـن الحـــور العيـــن. « ولهـــم فيهــا أزواج مطهّــرة وهــــم فيهــا خـالـــدون » خـالــدون دائمـــون وهـــذا هــو تمـــام السّعـــادة فإنّهـــم مــع هـــذا النّعيـــم فــي مقـــام أميـــن يعيشـــون مــع زوجــاتهــم فــي هنـــاء خــالــد لا يعتــريــه انقطـــاع واللّـه ورســولــه أعلــم والسّـلام عليكــم ورحمــة اللّـه وبـركـاتـه.

كلمات البحث :الشيخ بشير طبابي;من انوار التنزيل

نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.