ندب ديننا الحنيف على قضاء الحوائج واصطناع المعروف وحثَّ المؤمنين على البذل والتضحية لما فيه من تقويةٍ لروابط الأخوة وتنمية للعلاقات البشرية ، قال الله سبحانه وتعالى »وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ » .
فلئن تقضي لأخيك حاجة كأن تعلمه أو ترشده أو تحمله أو تقرضه أو تشفع له في خير أفضل عند الله من ثواب اعتكافك شهرا كاملا.
فتخيل لو أردت اعتكاف شهر كامل كم سيتطلب ذلك منك من مجاهدة للنفس بتعطيل أعمالك الخاصة وبقائك بالمسجد ثلاثين يوما
؟ ولكن خلال دقائق معدودة تنجز فيها لأخيك حاجته يسجل في صحيفتك كأنك اعتكفت شهرا كاملا.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أحب الناس إلى الله أنفعهم ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربة ، أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في المسجد شهرا
ومن كف غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظا ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام ،وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل »
وفي صحيح مسلم » عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : »من نفَّس عن مؤمن كربة نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد مادام العبد في عون أحيه » .
قال ابن عباس: « إن لله عباداً يستريح الناس إليهم في قضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة » .
قال الضحاك في قوله تعالى » إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » في قصة يوسف عليه السلام : « كان إحسانه إذا مرض رجل بالسجن قام عليه ، وإذا ضاق عليه المكان وسع له إذا احتاج جمع سأل له ».
وقيل لابن المنكدر أي الأعمال أفضل؟ قال : « إدخال السرور على المؤمن ». قيل أي الدنيا أحب إليك ؟ قال: « الإفضال على الإخوان ». أي التفضل عليهم والقيام بخدمتهم.
وقال وهب بن منبه : « إن أحسن الناس عيشاً من حسن عيش الناس في عيشه وإن من ألذ اللذة الإفضال على الإخوان ».
أمثلة من السلف في حرصهم على قضاء حوائج الناس :
1 – كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم ،
فلما استخلف قالت جارية منهم :
الآن لا يحلبها ، فقال أبو بكر : بلى وإني لأرجو أن لا يغيرني
ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله .
2- وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتعاهد بعض الأرامل
فيسقي لهن الماء بالليل .
ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة . فدخل إليها طلحة نهارا
فإذا عجوزا عمياء مقعدة ،
فسألها : ما يصنع هذا الرجل عندك؟ قالت : هذا له منذ
كذا وكذا يتعاهدني ،
يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى . فقال طلحة : ثكلتك أمك
يا طلحة ، عثرات عمر تتيع؟!.
3 – وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهم كل يوم
فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن .
4 – وقال مجاهد : صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان
يخدمني أكثر .
5 – وكان حكيم بن حزام يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه
محتاجا ليقضي له حاجته .
فيقول : ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة ،
فاحرص أخي المسلم على قضاء حوائج المسلمين خاصة الذين تصيبهم حوائج الحروب والكوارث وتعلم حسن مساعدة الناس وقضاء حوائجهم ، فكلما تعدى نفع العبادة إلى غيرك كان أجرها أعظم إذا احتسبتها عند الله .
كلمات البحث :فضل;قضاء حاجة العبد
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.