أكد وزير الشؤون الخارجية « خميس الجهيناوي » اليوم الجمعة 27 سبتمبر 2018 في نيويورك، أن مواجهة التحديات الدولية الراهنة تتطلب تكثيف الجهود لتخليص العالم من بؤر التوتر والصراعات والنزاعات المسلحة وما انجر عنها من مآس إنسانية غير مسبوقة وتفاقم لظاهرة الإرهاب ولتيارات التطرف العنيف ومختلف أشكال الجريمة المنظمة، إلى جانب تراجع معدلات النموّ واتّساع رقعة الفقر والتهميش والانكماش الاقتصادي في عديد المناطق من العالم.
وشدد « الجهيناوي » في بيان تونس أمام الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك على مسؤولية المجتمع الدولي، في دفع مسارات التسوية السياسية للأزمات القائمة وحلّ النزاعات بالطرق السلمية وتحقيق الأمن والاستقرار وتعزيز منظومة حقوق الإنسان.
وعبر الوزير في هذا الصدد عن ارتياح تونس لنتائج المفاوضات المتعلقة بالإصلاحات الكبرى التي تقدّم بها الأمين العام، لا سيما اعتماد المنظومة الأممية الخاصّة بالأمن والسلم، وتطوير أداء المنتظم الأممي في مجال التنمية، معبرا عن أمله في أن يتواصل هذا المسار الإصلاحي وأن يتدعّم بمساهمة فاعلة وفق رؤية تشاركية بين الدول الأعضاء.
ولدى التطرق إلى الوضع الداخلي في تونس ذكّر وزير الخارجية بالمراحل التي قطعتها بلادنا في مسار إرساء دعائم البناء الديمقراطي وتكريس دولة القانون والمؤسسات، وتركيز الهيئات الدستورية ومكافحة الفساد وتعزيز الحوكمة الرشيدة وفق مقاربة توافقية وتشاركية بين كافة أطياف المشهد السياسي ومكونات المجتمع التونسي.
كما أشار الوزير إلى أن نجاح بلادنا في تنظيم انتخابات بلدية ديمقراطية سمحت بتمثيل واسع لفئتي الشباب والمرأة، يعكس حرص المجتمع التونسي على تشريك المرأة والشباب في صنع القرار على المستويين المحلي والوطني، وتوفقها في تفعيل الديمقراطية التشاركية والحكم المحلي اللامركزي.
كما ذكر وزير الخارجية بمبادرة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي للمساواة، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تعد امتدادا طبيعيا لتجربة تونس الاصلاحية الرائدة، وسعيها لنحت مجتمع تقدّمي يحترم الحقوق الفردية والحريات العامة ويعمل على تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين وضمان الحريات كأحد الدعائم الأساسية للبناء الديمقراطي.
وبشأن الوضع الاقتصادي، استعرض الوزير الجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وتجاوز التحديات القائمة وتوطيد مقومات السلم الاجتماعي، وحرصها على مواصلة تنفيذ الإصلاحات الكبرى وتحسين نسب النمو ومختلف مؤشرات التنمية البشرية.
وأشار الوزير إلى أن تحقيق مؤشرات مشجعة مع تحسن لمعدلات النمو وتراجع نسبة البطالة وعجز الميزان التجاري واستعادة قطاع السياحة لحركيته وتطور مؤشرات الاستثمار ستعزز موقع تونس كوجهة اقتصادية واستثمارية جاذبة في محيطها الإقليمي والدولي.
وفي سياق آخر، نبه الوزير إلى أن تفاقم آفة الإرهاب تعد أحد أبرز التحديات التي تواجهها جل بلدان العالم وأحد أكبر التهديدات للسلم والأمن الدوليين أمام سعي التنظيمات الإرهابية لتقويض الاستقرار وبث الفوضى وتعطيل المسارات التنموية، مشددا على الدور المحوري الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة لدعم الدول الأعضاء في مواجهة هذه الآفة.
وبين وزير الخارجية أن تونس قطعت أشواطا هامة في تنفيذ استراتيجيتها الوطنية الشاملة للتعاطي مع هذه الآفة، بما ساعد على تحقيق نجاحات أمنية كبرى وإفشال مخططات الإرهابيين.
ولدى التطرق إلى ملف الهجرة واللجوء، بين خميس الجهيناوي أن هذه الظاهرة كانت عبر التاريخ عامل إثراء وتقارب بين الشعوب والحضارات، لافتا إلى أن التوصل إلى حلول للهجرة غير النظامية يقتضي معالجة شاملة وتشاركية وتعبئة الجهود الدولية من أجل معالجة أسبابها الحقيقية المتمثلة في انعدام مقومات التنمية المستدامة في عدد هام من البلدان المصدرة للمهاجرين واستفحال النزاعات والحروب وعدم توفق المجموعة الدولية في تقليص الهوة بين الدول النامية والدول المتقدمة.
وأعرب في هذا الصدد عن تطلع تونس إلى أن يمثل الاتفاقان الدوليان للأمم المتحدة حول الهجرة واللجوء، الأرضية المناسبة لتحقيق التوافق الدولي المطلوب حول هذه المسألة.
وبخصوص القضايا العربية الراهنة شدد السيد خميس الجهيناوي على أن تحقيق التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية، واسترجاع الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أراضيه وعاصمتها القدس الشرقية، يمثل أولوية ملحة لإعادة الأمن والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني والحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس الشريف ومختلف الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعبر الوزير عن انشغال تونس العميق إزاء تطور الأوضاع بالشقيقة ليبيا، مؤكدا التزامها بمواصلة جهودها في إطار مبادرة سيادة رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، وبالتنسيق الكامل مع الشقيقتين الجزائر ومصر بمساعدة الأشقاء الليبيين على التوصل الى تسوية سياسية شاملة عبر الحوار والتوافق على أساس الاتفاق السياسي برعاية الأمم المتحدة.
كما دعا إلى مضاعفة الجهود الإقليمية والدولية للتعجيل بالتوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة في كل من سوريا واليمن بما يحفظ سيادة البلدين الشقيقين ووحدتهما ويضع حدا لمعاناة شعبيهما.
وعلى صعيد آخر دعا إلى تسريع مسار معالجة قضية مسلمي الروهينغا والعمل على الحيلولة دون تكرر مثل هذه المآسي الإنسانية.
وبخصوص علاقات تونس ببقية البلدان الإفريقية أكد الوزير حرصها على الإسهام الفاعل في النهوض بأوضاع القارة مجددا دعوة المجتمع الدولي للمساعدة على تعزيز أركان السلم والأمن في القارة بما يمكن الشعوب الإفريقية من تحقيق تطلعاتها في التنمية المستدامة والاندماج الاقتصادي.
وعلى صعيد آخر أعرب الوزير عن ارتياح بلادنا الكبير للنتائج التي توّجت أعمال القمم الأخيرة بين الرئيس الكوري الجنوبي والزعيم الكوري الشمالي وبين الرئيس الأمريكي وزعيم كوريا الشمالية، منوّها بالتحول التاريخي في شبه الجزيرة الكورية وبالتزام الكوريتين بالتعاون في المستقبل.
ولدى تطرقه إلى ترشح تونس لمنصب عضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي أكد أن بلادنا ستعمل خلال فترة عضويتها على تكريس التزامها المتواصل بمبادئ ميثاق منظمة الأمم المتّحدة، وعلى تعزيز التشاور والإسهام الفاعل في إيجاد المقاربات والحلول المناسبة لمجمل القضايا المطروحة على مجلس الأمن، خدمة للأمن والسلم في العالم.
كلمات البحث :الأمم المتحدة;تونس
نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.