إفريقيا الوسطى: إبادة عرقية للمسلمين وسط صمت دولي

اخر تحديث : 09/03/2014

افريقيا الوسطى
 

بقلم: حكيم بن صالح

يتعرض مسلمو إفريقيا الوسطى الذين يمثلون 15% من سكان البلاد، منذ عزل « ميشال دجوتوديا » أول رئيس مسلم للبلاد بداية السنة الحالية، إلى حملة إبادة على ايدي مليشيات مسيحية تنتمي إلى تنظيم « أنتي بالاكا » المتطرف، خاصة في العاصمة « بانغي ».
وقد اكدت يوم الجمعة الفارط، منسقة شؤون الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة « فاليري أموس » خلال مؤتمر صحفي في « جينيف » أنه لم يبقى في عاصمة إفريقيا الوسطى سوى 900 مسلم بعد ان كان عددهم قرابة 145 ألف، بسبب إرتفاع وتيرة العنف ضدهم وقتل المئات منهم، مشيرة إلى ان العدد انخفض إلى بعض الآلاف منذ بداية اعمال العنف ضد المسلمين في ديسمبر الفارط، قبل ان يتقلص إلى أقل من ألف خلال هذا الأسبوع.
ودفعت الهجمات، التي وصلت إلى إحراق المسلمين احياء، إلى نزوح قرابة 290 ألف مسلم إلى دول مجاورة مثل تشاد والكاميرون، وباتت مدن وبلدات في غرب أفريقيا الوسطى خالية تقريبا من سكانها المسلمين الذين نزحوا باتجاه الشمال.
أسباب التطهير العرقي للمسلمين هي سياسية بالأساس، حيث قام تحالف « سيليكا » المتكون من 6 مجموعات إسلامية متطرفة تضم قرابة 24 ألف مقاتل من السودان وتشاد وإفريقيا الوسطى في بداية سنة 2013، تحت قيادة الرئيس السابق المسلم « ميشال دجوتوديا » ، بإعلان التمرد على السلطات في إفريقيا الوسطى وشن حرب ضدها قتلت خلالها مئات المسيحيين وسيطرت في شهر مارس من نفس السنة على العاصمة « بانغي »، مما دفع الرئيس المسيحي « فرنسوا بوزيزي » إلى مغادرة البلاد في إتجاه الكامرون.
وتمكن قائد « السيليكا » « دجوتوديا » من السيطرة على الحكم يوم 24 مارس 2013، ثم أعلن يوم 13 سبتمبر من نفس السنة رسميا عن حل قوات « سيليكا » التي مكنته من الوصول للحكم لكسب تأييد الأغلبية المسيحية في البلاد، لكن القوات رفضت تسليم سلاحها وحافظت على قياداتها وتماسكها، وواصلت هجماتها ضد الطائفة المسيحية الذي قتل خلالها المئات، وهو ما دفع فرنسا إلى التدخل عسكريا في البلاد بمساعدة القوات الإفريقية في ديسمبر الفارط بعد أخذ الإذن من مجلس الامن الدولي، لإعادة الإستقرار الامني في إفريقيا الوسطى ونزع سلاح المقاتلين، وتمكنت من نزع أسلحة أكثر من سبعة آلاف من مقاتلي « سيليكا » بعد مواجهات دامت لأكثر من أسبوعين، ووضعهم في ثكنات مختلفة بالعاصمة.
تدخل فرنسا في البلاد أثار غضب الأقلية المسلمة التي اتهمت « باريس » بالإنحياز للميليشيات المسيحية حيث غضت الطرف على مقتل مئات المسلمين على أيد جماعة « أنتي بلاكا »، وهو ما دفعهم للإحتجاج في العاصمة « بانغي » معتبرين ان حل مجموعات « سيليكا » سيجعلهم دون حماية امام الجماعات المسيحية.
ودفع تواصل أعمال العنف في إفريقيا الوسطى مع عجز القوات الفرنسية على نزع أسلحة الجماعات المقاتلة، الرئيس المسلم « ميشال دجوتوديا » إلى الإستقالة يوم 10 جانفي من السنة الحالية ومغادرة البلاد في اتجاه البنين، ليخلفه ‘الكسندر فرديناند نغينده » بشكل مؤقت.
ومع تواصل اعمال العنف في البلاد، صوت البرلمان الفرنسي في نهاية شهر فيفري الفارط على تمديد فترة العمليات العسكرية الفرنسية إلى 4 أشهر إضافية ليواصل 2000 جندي فرنسي العمل على إعادة الامن في البلد الإفريقي.
وتواصلت رغم الوجود العسكري الفرنسي عمليات القتل ضد المسلمين من قبل مجموعة « أنتي بلاكا » حيث بلغ عدد الضحايا المئات حسب تقارير المنظمات الدولية، حيث أكدت منظمة العفو الدولية أن المسلمين يتعرضون لإبادة اثنية على أيدي المتطرفين المسيحيين، متهمة قوات حفظ السلام بالعجز على السيطرة على الأوضاع، مطالبة المجتمع الدولي للتدخل العاجل لإيقاف حملة العنف ضد الطائفة المسلمة.
وفي اخر مستجدات هذا الملف، أعلن وسط هذا الأسبوع، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين « أنطونيو غوتيريس » أن معظم المسلمين طردوا من النصف الغربي لإفريقيا الوسطى، مضيفا أن آلاف المدنيين المسلمين معرضون لخطر القتل في المناطق التي ظلوا فيها.
وفي نفس السياق أكد المستشار السابق لرئيس جمهورية أفريقيا الوسطى « محمد سعيد إسماعيل » أن أكثر من 300 مسجد في البلاد دمرت، وذبح النساء والأطفال وحرق الرجال أحياءا.
ومع تواصل مظاهر العنف وحملة التظهير العرقي ضد المسلمين، بدأ مجلس الامن الدولي يوم الجمعة، في مناقشة قرار إرسال قوات حفظ سلام اممية تظم 12 ألف جندي إلا انه لم يتوصل إلى قرار بعد.
وفي انتظار إتفاق المجتمع الدولي على حل للأوضاع الامنية المتدهورة في أفريقيا الوسطى، يموت مئات المسلمين يوميا ويهجر الآلاف من هذا البلد الإفريقي.


Print This Post

كلمات البحث :;;

اقرأ المزيد ...


نعلم قراءنا الأعزاء أنه لا يتم إدراج سوى التعليقات البناءة والتي لا تتنافى مع الأخلاق الحميدة
و نشكر لكم تفهمكم.

Les commentaires sont fermés.